أخبار ونشاطات قسم التوجيه والإرشاد

قائمة الأقسام

بيّن الأمينُ العام للعتبة العباسية المقدّسة سماحة السيد أحمد الصافي أنّه اعتدنا في كلّ عامٍ وفي هذا الزمان وهذا المكان أن تتكحّل أعيننا بالنظر الى وجوهٍ مؤمنةٍ تحمل الودّ والمحبّة فنزداد حبوراً وسروراً فجذبة اللّقاء وجذوة العناق لإخوةٍ أكارم من داخل وخارج العراق تُضفي علينا في كلّ عامٍ بهجةً وسعادةً، جاء هذا ضمن كلمته التي ألقاها باسم الأمانتين العامّتين للعتبتين المقدّستين خلال حفل افتتاح مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي الحادي عشر والذي انطلقت فعالياته عصر هذا اليوم (3شعبان 1436هـ) الموافق لـ(22آيار 2015م).
وأوضح الصافي في كلمته ثلاثة أمور:
الأمرُ الأوّل: المهرجان هو عبارة عن موعدٍ سنويّ لتدارس الأفكار والرؤى والاستماع الى بحوثٍ علميةٍ رصينة تعوّدنا عليها، والتعرّف على أصحاب الفكر من العلماء الأعلام والباحثين الأعزاء وتهيئة فرصةٍ للخوض في أحاديث محبّبة لله ولرسوله ولأهل البيت(عليهم السلام) من شرق الأرض وغربها وشمالها وجنوبها على اختلاف الألوان وتعدّد المشارب والمذاهب والأديان، وهو اجتماعٌ نحرص عليه مع كلّ الظروف التي قد لا تكون إيجابيةً في بعض الأحيان رغبةً منّا للتواصل مع أهل الفكر من إخوتنا وضيوفنا.
الأمر الثاني: إنّنا نواجه تحدّياً صارخاً ألا وهو الأحداث السريعة التي تشهدها المنطقة، وهذه الأحداث تتلبّس بلباس الدين وهي تتحدّى القيم النبيلة والمعارف السامية والأخلاق الحميدة، عارضةً صورةً بشعةً ومؤلمةً وفاقدة حتى لشريعة الغاب فضلاً عن شريعة الإنسان وهي تزداد شراسةً، بل الغريب أنّ بعض الدول والحكومات باتت تدعمها بصورةٍ علنيّة وبلا استحياء بحجّة أنّ الوضع السياسيّ يتطلّب ذلك، ولا ندري والله ما قيمة السياسة التي تشوّه معالم ديننا وما هو المبرّر الأهمّ من الدين في حسابات هؤلاء الساسة، الصراع حول حفنةٍ من المكاسب الوهمية أو الوقوع في شراك شياطين الإنس والجنّ، إنّنا نتعرّض أيّها الإخوة الى مسألة مصيريّة لابُدّ أن يكون لنا منها موقفٌ واضح ولا أعتقد أنّ مسألة الاستنكار وأمثاله من الاصطلاحات أصبحت وافية في رفض هذه الأفكار الهدّامة، بل السؤال والسؤال الجريء مَنْ كان وراء ذلك؟ وما هي المدارس التي تقيّأت هؤلاء الحثالة؟ ومَنْ هم أهلُ الرأي الذين يلعبون بالدين كيف شاءوا؟ ومَنْ؟ ومَنْ؟ إنّنا نجتمع هذا اليوم أيّها الأعزّة لنقف على معاني الدين الصحيحة الحقيقية غير المنحرفة التي لا تحمل إلّا معاني الحبّ والسلام وتحترم الآخر ومن يملك قناعةً أخرى وتصون الدم والمال والعرض، ولا نريد الاسترسال بل التأكيد ليس إلّا، ففي الحضور الكريم الكفاية في الرؤيا وعدم ضبابية الأشياء إنّنا نحتاج الى تشخيصٍ واضحٍ وصريحٍ والى علاجٍ نافعٍ وناجع، إنّنا الآن أين التفتنا وجدنا صراعاتٍ ومعارك طاحنة وعدوّنا اللّدود الحاقد يتفرّج علينا، هذه دعوةٌ ليس لأصحاب الفكر فقط بل الحكومات عليها أن تسند شعوبها لا أن يتكالبوا عليهم.
الأمر الثالث: إنّنا ومن منطلق المسؤولية نرى في الإمام الحسين(عليه السلام) الذي نجتمع الآن في حضرته، نرى أنّه المنقذ والهادي إذ لا يخفى على حضراتكم الكريمة أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) قد وضع معالم واضحة ولائحة لمن أراد الهداية وهو نبيّ الرحمة، وقد كان نصيب الحسين(عليه السلام) من أحاديث جدّه المصطفى(صلى الله عليه وآله) الشيء الكثير، حيث جعله(صلوات الله وسلامه عليه) أماناً من الانحراف والزيغ ففي العناوين الواضحة (الحسين مصباحُ الهدى وسفينة النجاة) (الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة) (حسينٌ منّي وأنا من حسين) (أحبّ الله من أحبّ حسيناً) (حسينٌ سبطٌ من الأسباط) (إنّ ابنيّ هذين ريحانتاي من الدنيا) وغيرها من الكلمات التي صدح بها فمُ النبيّ الأقدس(صلى الله عليه وآله) وهو الذي (لا ينطق عن الهوى إن هو إلّا وحيٌ يوحى)، ولا ريب أنّ حرصه على أمّته كبير، لذا نرى أنّ الحسين(عليه السلام) علّمنا كيف نحيا حياةً طيّبةً بعيدةً عن الذلّ وبعيدةً عن الهوان، إنّنا نرى أيّها الأعزّاء -وأنتم أهل الفكر وأهل الرأي الثاقب وأهل الأصالة- أنّ العودة الى سبل الحقّ التي نادى بها الإمام الحسين(عليه السلام) وإظهارها الى معالم كثيرة ومواقع متعدّدة لهي السبيلُ الكفيلُ الحقُّ في أن تهدأ هذه الأمّة وترجع الى تراثها العميق والى ما نعتزّ به من تراثٍ خالدٍ وأصيل، نسأل الله سبحانه وتعالى ببركات النبيّ وآله وبركات وجودكم وأفكاركم أن تأخذ هذه الأمّة الكريمة محلّها وأن تكون رائدةً دائماً لمعاني الخير والوفاء والرحمة وأن يجمع شملنا دائماً على الهدى والتّقى إنّه سميعُ الدعاء.

التالي السابق