قسم التوجيه والإرشاد الأسري

قائمة الأقسام

البقيعُ جرحٌ لم يزل دمُهُ عبيطاً رغم تقادم السنين وصروف الدهور ونوب الزمان المرّ، وقيل قديماً (والجرح يسكنه الذي هو أألَمُ) ولكنّنا على يقينٍ أنّ كلّ جرحٍ بعد جرح البقيع يأبى أن يسكنه وينسى مرارة ألمه مهما كان شديد الوطأة وهكذا هو الحال اليوم.
فبالرغم من كلّ البلاءات والرزايا التي تتوالى تباعاً على المؤمنين الموالين تبقى فاجعةُ البقيع حاضرةً في وجدانهم وضميرهم الحيّ لتحكي قصّة مظلومية آل بيتٍ جاءوا لإنقاذ أمّةٍ من الهلاك والضلال فكان جزاؤهم منهم الجحود والنكران ومحو الأثر وهتك الحرمة ووو، ولكنّ ممّا يُحسب لمعرض كربلاء الدوليّ للكتاب هو إفراد جناحٍ خاصّ بجنّة البقيع الغرقد عند الجهة اليسرى من مدخل المعرض الرئيسيّ وللسنة الرابعة على التوالي، لتكوين صورة وانطباعٍ لمرتادي المعرض بأنّ قضية البقيع حاضرة ولن تغيب.
وشهد الجناحُ في الأعوام السابقة نجاحاً واسعاً وإقبالاً تفاعلياً كبيرَيْن من قبل محبّي وأتباع أهل البيت(عليهم السلام) أعادت لأذهانهم ما جرى على هذه المراقد الشريفة، والتي كانت في إحدى الأزمنة الماضية عبارة عن مشاهد عامرة فبعد أن كان الجناح في الدورتين السابقتين تفاعلياً وحسب شَهِدَ في هذه الدورة انعطافةً كبيرةً وهي أنّه تمّ عمل موكيت زجاجيّ بأبعادٍ هندسيةٍ خاصّة وقُسِمَ الى جزأين، جزء يحتوي على تجسيمٍ مصغّر للمسجد النبويّ الشريف والأماكن الملحقة به وجزء آخر يحوي على مجسّمٍ لمقبرة البقيع وما تضمّه من قبورٍ الأئمّة والصحابة وقد صُمّمت بطريقةٍ حرفيةٍ عاليةٍ جداً، حيث تمّ وضع جميع ما يحتويه هذان المكانان الطاهران من مشاهد شريفة وقبورٍ مقدّسة.
وانتدبت إدارة المعرض أحد الإخوان من مدينة الحجاز في السعودية ليقوم بشرحٍ وافٍ كافٍ عن هذه الأماكن المطهّرة وبشخوصها بدءً من المسجد النبويّ وانتهاءً بقبور البقيع، وبيان ما تعرّضت له هذه الأماكن من أعمالٍ إرهابية طالت أبنيتها والأخصّ ما جرى على قبور البقيع وكيف تعرّضت لهجومٍ بربريّ كانت نتيجته هدمها وتسويتها بالأرض.
ويُحاط الجناحُ بملصقاتٍ جدارية (فلكسات) صوّرت عليها المراقد قبل وبعد الهدم، مضافاً اليها صورةٌ كبيرةٌ لقبور البقيع قبل الهدم أُخِذَت من الأرشيف الخاصّ بالسلطان عبدالحميد العثماني، ونتيجةً للتفاعل الحاصل بين زائري الجناح وللمساهمة بالتعبير عنه تمّ تزويد الجناح بسجلٍّ لكتابة ما يجول بخاطر زائريه ومخيّلاتهم تجاه مراقد الأئمّة الأطهار في البقيع، فكان الجناح بحقّ هو نوعٌ من أنواع تضميد جراح البقيع وكجزءٍ من المواساة للأئمّة الراقدين في تلك البقعة الطاهرة المقدّسة، والتعريف بجريمة هدم قبورهم التي يندى لها جبينُ الإنسانية.

التالي السابق