تقارير مقلقة وإحصائيات مرعبة عن تزايد حالات الطلاق في عالمنا اليوم، وفي هذا رسالة لكل شاب وشابة أن يُحسنا اختيار الزوج الصالح وفق جملة من الأسس السليمة التي أرشدنا إليها الإسلام في عملية الاختيار، منها أن يكون متديناً وذا خُلق حسن، ونظراً لكون المرأة بطبعها عاطفية ورقيقة الحسّ ويغلب عليها الحياء، فقد جعل الإسلام لأب الفتاة ولاية عليها، وشرّك بينهما في عملية الاختيار التي تلعب دوراً مهماً في تحديد مصير البنت ومستقبلها.

وقد نقل لنا القرآن الكريم سابقة في هذا السياق، متمثلة في إحدى بنات شعيب عليه السلام التي أدركت ببصيرتها الإيمانية وتجربتها القصيرة مع موسى أنّه تتجسد فيه المواصفات الجسمية والخُلُقية معاً فقد كان قوياً وأميناً، (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) القصص: 26.

يا أبتِ استأجره لرعي ماشيتنا، ليكفينا مؤنة هذا العمل، فهو قوي وأمين، وكأنّ النبي قد فطن إلى المراد، فأسرع إلى تحقيق رغبة ابنته، (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ۖ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ ۖ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ۚ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) فهذه سابقة قرآنية تجعل من ابنة شعيب عليه السلام قدوة حسنة لكلِّ امرأة تبحث عن الزوج المثالي.

إن الرجل الذي لا يرتبط بدين ولا يتقيد بخُلُق، سوف يجعل حياة الزوجة جحيماً لا يطاق، وبالمقابل فإن الزوج المتدين الذي يتحسّس المسؤولية في الحياة، ويشعر برقابة الله الدائمة، ويعلم بعاقبة أعماله في الآخرة سوف يوفّر لها سُبُل السعادة والنجاح في الحياة الزوجية.

وروي أن الإمام الرّضا عليه السلام أسدى نصيحته المخلصة إلى ولي أمر إحدى الفتيات مدعمة بالدليل القرآني، ليزيل غشاوة الشك من قلبه، إذ قال له: (إن خطب إليك رجل رضيت دينه وخُلُقه فزوّجه، ولا يمنعك فقره وفاقته، قال الله تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ، وقال: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ والله واسع عليم) فقه الرضا ص٣١.